السوريون على موعد مع جنيف اثنين
محمد عبد الرزاق – الملف: ينتظر السوريون التغيير المرتقب مع بداية العام ألفين وأربعة عشر، حيث من المزمع أن يشكل مؤتمر جنيف اثنين الخطوة الاولى على طريق حل الأزمة السورية ووقف دعم الجماعات المسلحة من قبل الدول التي أصرت على مدى ثلاث سنوات على إسقاط الدولة السورية بالسلاح الذي تقدمه لتلك الجماعات، وتحدثت وسائل إعلام مستقلة وحكومية عن مجازر حصلت في مدينة درعا العمالية القريبة من دمشق، وأكدت المعطيات الميدانية أن المسلحين يحتجزون آلاف المدنيين في درعا لمنع الجيش من التقدم داخل آحياء المدينة.
وتبدو الحكومة السورية أنها تمتلك رؤية واضحة لما سيتم طرحه واعتماده في مؤتمر جنيف اثنين حول سوريا، فعلى عكس المعارضة الخارجية، تؤكد الحكومة السورية سعيها لعقد مؤتمر جنيف اثنين وإنجاحه، وأن رؤيتها تنطلق من تطلعات الشعب السوري، جاء ذلك في تصريح لوزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي حمل الولايات المتحدة مسؤولية فشل جنيف اثنين، مؤكداً أنه في حال حصل ذلك فإنه فيجب سؤال الولايات المتحدة الامريكية عن عدم تشكيلها وفدا من المعارضة وفشلها في ذلك.
وتحذر الحكومة السورية الطرف المقابل في جنيف اثنين المتمثل بالائتلاف الوطني والمعارضة في الخارج من الأوهام التي أوقعتهم بها الدول الغربية والحلفاء العرب في أن جنيف اثنين قد يكون محفلا لتسلمهم السلطة دون المرور بامتحان الانتخابات ورأي الشارع السوري، وتؤكد الحكومة السورية هنا أن الأساس في المؤتمر هو رفض الإرهاب، ومن لا يقبل بذلك فليس له مكان في الدولة القادمة.
وقد وضعت الحكومة السورية خططاً بديلة عن مؤتمر جنيف اثنين في حال فشله، حيث يقول وليد المعلم إن لدى الحكومة برنامج سياسي ومؤتمر الحوار الوطني الذي سيكون تحت السماء السورية بالتوازي مع مواصلة الجيش السوري القيام بواجبه الدستوري في الدفاع عن الشعب السوري والقضاء على الإرهاب.
وردا على سؤال حول ماذا ستقدم الحكومة السورية وماذا ستأخذ من مؤتمر جنيف قال المعلم: نحن في جنيف لن نقبل عقد صفقات مع أحد وسيكون الحوار سوريا سوريا وبقيادة سورية وإذا وضعنا مصلحة الشعب السوري والوطن نصب أعيننا فلا نحتاج إلى تسويات على طريقة الصفقات ونحن نريد أن نصل مع السوريين المشاركين في المؤتمر إلى خارطة طريق ترسم المستقبل ويوافق عليها الشعب السوري.
أما عن معارضة الولايات المتحدة مشاركة إيران في جنيف اثنين يؤكد المعلم أن سورية متمسكة بمشاركة إيران في المؤتمر ومن غير المنطقي والمعقول استبعاد إيران من المشاركة لأسباب سياسية من الولايات المتحدة وممن يسمون أنفسهم معارضة، واتهم المعلم الولايات المتحدة بدعم الإرهاب سراً في سوريا، نافياً بذلك ما أشيع عن أن الولايات المتحدة ضغطت على حلفائها السعوديين والأتراك والقطريين والأردنيين بوقف دعم الإرهاب.
الدور السعودي الهدام في سوريا
يوماً بعد يوم يتكشف للرأي العام الغربي حقيقة الدور الذي لعبته السعودية مع قطر وحلفاء أمريكا في المنطقة وسوريا على وجه الخصوص، حيث قالت صحيفة الإندبندنت أون صنداي البريطانية إن السعودية وحلفاءها يدعمون الدعاية التي تفتح الأبواب لحرب طائفية بالمنطقة، وإن القنوات الفضائية ومواقع الانترنت التي تصدر من هذه الدول أو عن طريق تمويل منها تعد محور حملة لنشر البغضاء الطائفية بكل أرجاء العالم الإسلامي.
وكتب باتريك كوكبيرن مراسل الصحيفة في مقالة له، إن الدعاية المناهضة لطائفة معينة التي يروجها رجال دين مدعومون من السعودية تخلق مكونات حرب طائفية بالعالم الإسلامي بأسره.
وقد أشرنا مراراً إلى خطورة الدور الذي تلعبه السعودية مع قطر في التحريض على الأقليات الدينية في سوريا، واستباحة المناطق السورية الآمنة وتحريض المسلحين على قصفها واقتحامها تحت عناوين مختلفة، وكل ذلك كان عبر وسائل إعلامها والأموال والأسلحة التي تزج بها إلى الداخل السوري. وقد خصصت هذه الدول رجال دين لإصدار الفتاوى بحق السوريين منذ بداية الأزمة، وآخر ما اقترفت أيدي تلك الجماعات التي تدعمها قطر والسعودية بشكل علني هو المجازر التي حصلت في مدينة عدرا بريف دمشق.
ففي عدرا العمالية مستمعينا، ارتكبت الجماعات المسلحة مجازر بحق الأهالي وصلت إلى حد قطع الرؤوس والتمثيل بجثث الضحايا، وهذا ما أفاد به عشرات الناجين من تلك المجازر، وأشاروا إلى أن المسلحين استهدفوا الشباب من الأهالي وقاموا باختطافهم وارتكاب عمليات قتل ممنهج بحقهم، وفرضوا حصاراً على الأهالي لمنع الجيش السوري من التقدم واقتحاكم أحياء عدرا العمالية.
وقد قام الجيش السوري مؤخراً بإخلاء بعض المناطق من المدنيين بعد تأمين ممرات آمنة عبر المناطق غير المأهولة المحيطة بالمدينة، وعرض الإعلام السوري صوراً لهؤلاء المدنيين الذين رووا ما تعرضوا له من قبل الجماعات المسلحة من إرهاب.
وقالت الحكومة السورية إن الجيش السوري أخلى نحو خمسة آلاف مدني من عدرا العمالية، وأن المنظمات الدولية المعنية لم تتواصل مع الحكومة ولم تتناول ما جرى في عدرا العمالية من ممارسات للجماعات المسلحة.
وتشير المعطيات الميدانية مستمعينا، إلى أن الجيش السوري تأخر في دخول عدرا العمالية لأسابيع رغم قربها من العاصمة دمشق وأهميتها الاستراتيجية بالنسبة للعاصمة، وذلك في محاولة لإبعاد المدنيين عن مناطق الاشتباك، إلا أن احتجاز المسلحين للمدنيين أعاق العملية العسكرية.