Monthly Archives: جوان 2014

هيومان رايتش: السعودية تضيق على أهالي القطيف وتراقب هواتفهم النقالة

يبدو أن حكام السعودية يخافون من أن تطالهم النار التي أشعلوها في المنطقة عبر دعمهم للإطاحة ببعض الأنظمة عبر الإرهاب، وهم يخافون من توقد الثورة الشعبية التي أخمدوها بقوة السلاح والدم، وها هم يواصلون ممارسة القمع بعد جرائمهم بحق المدنيين، وهم في ذات الوقت يتهمون أنظمة في المنطقة بالقمع والدكتاتورية. بالفعل يجب على الإدارة الأمريكية والغرب أن يخجلوا من تحالفهم مع هذا النظام القمعي، فيما يلي خبر مقتبس عن الوكالات:
دبي, 27-6-2014 (أ ف ب) – اتهمت هيومن رايتس ووتش السعودية الجمعة باللجوء الى خدمات شركات تزودها برمجيات خبيثة لمراقبة وسائل الاتصال في منطقة القطيف الشيعية في شرق المملكة، وطالبتها بحماية “الخصوصية وحرية التعبير”.
واوضحت في بيان ان “باحثين امنيين مستقلين اكتشفوا في تقرير صدر قبل ايام برنامجا صممته شركة ايطالية لمراقبة الاتصالات في القطيف”.
وقالت سينثيا وونغ، كبيرة خبراء الانترنت في المنظمة في بيان “قمنا بتوثيق كيفية تضييق السلطات السعودية بشكل روتيني الخناق على نشطاء الانترنت الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي”.
واضافت “يبدو ان السلطات تتمكن الآن من اختراق الهواتف النقالة، وتحول الادوات الرقمية الى مجرد وسيلة اخرى للتخويف واسكات الاصوات المستقلة”.
وتابع البيان ان باحثين في “تورونتو سيتيزن لاب” اكتشفوا نسخة خبيثة من موقع “القطيف اليوم” وهو تطبيق يتيح الوصول الى اخبار ومعلومات حول القطيف باللغة العربية.
واكد ان “بامكان هذا التطبيق اذا كان مثبتا في الهاتف المحمول استخدام برنامج تجسس من صنع الشركة الايطالية “هاكينغ تيم” التي تقول انها تبيع ادوات المراقبة والتدخل الرقمي للحكومات فقط”.
ويتيح برنامج التجسس هذا “للحكومة الاطلاع على رسائل البريد الالكتروني والهاتف والرسائل النصية وملفات من تطبيقات مثل الفيسبوك، وفايبر وسكايب، وواتساب، كما يسمح بتشغيل كاميرا الهاتف او الميكروفون لالتقاط الصور او تسجيل المحادثات دون علم صاحبه”، بحسب البيان.
وافاد ان المحكمة الجزائية المتخصصة قررت في نيسان/ابريل الماضي سجن الناشط الحقوقي فاضل المناسف 15 عاما بسبب “دوره في مساعدة تغطية الصحافيين الدوليين للاحتجاجات في القطيف”.
ونددت بتعرض الشيعة السعوديين ل”التمييز المنهجي في التعليم العام والتوظيف الحكومي، وفي بناء دور المساجد”.
يذكر ان السعودية اوقفت في مطلع حزيران/يونيو 2013، خدمة الفايبر لان التطبيق بوضعه الحالي “لا يفي بالمتطلبات والانظمة السارية” في المملكة.
واوضحت انها كانت ابلغت في اذار/مارس مقدمي الخدمة المرخص لهم بضرورة العمل مع الشركات المطورة لبعض تطبيقات الاتصالات سرعة استيفاء المتطلبات التنظيمية، مشيرة الى فايبر وواتساب وسكايب خصوصا.

نتنياهو يكشف المشروع الأمريكي في العراق وسوريا

عادة ما يغيب عن ذهن المتابع العربي للأحداث الدائرة في الشرق الأوسط الدور الإسرائيلي الذي يعد الأكثر خطورة، نظراً لأن كيان الاحتلال الإسرائيلي يعتبر كل بلدان وشعوب المنطقة تهديداً له، لذا فمن الطبيعي أن يسعى لضمان أمنه عبر إضعاف المحيط وإشغاله بمشاكله الداخلية. ولهذا فإن المسؤولين الإسرائيليين يساهمون بشكل مباشر في إثارة النزاعات والحروب في بلدان الجوار إذا كان ذلك يصب في صالحهم بإضعاف عوامل تهديدهم.

الإسرائيليون مروا بتجارب مريرة مع المقاومة الإسلامية بشقيها الشيعي (حزب الله) والسني (الفصائل الفلسطينية) وهم يدركون أن السبيل الوحيد لفك الارتباط الاستراتيجي بين المقاومتين عبر إثارة صراع “سني شيعي” شامل في المنطقة، ينعكس ذلك على المواقف والتوجهات بين الطرفين، ومقدمات كل ذلك موجودة حالياً، حيث نجد اليوم أن الحراك المسلح في سوريا يميل إلى تكفير الشيعة والعلويين وإقصائهم.

وفي بداية الأحداث السورية استهدف الحراك المسلح الشيعة والعلويين، وبرز رجال دين سوريين بفكر وهابي سعودي لقيادة هذا الحراك وتغذيته إيديولوجياً من بينهم عدنان العرعور. إضافة إلى الهجمة التي شنها رجال دين الوهابية وفتاوى القتل والتكفير التي أطلقوها ضد السوريين. وكانت شعارات هذا الحراك تستهدف النظام على أساس أنه “علوي نصيري”. والإسرائيليون لم يخفوا تعاطفهم مع هذا الحراك ضد النظام السوري، وفضحوا أنفسهم بالدعم العسكري والطبي للمسلحين على الحدود.

أما التدخل الإسرائيلي المباشر فيمكن قراءته عبر الضربات المتكررة التي وجهها جيش الاحتلال للمواقع التي ينتشر فيها الجيش ويسعى المسلحون إلى السيطرة عليها، آخرها كان في القنيطرة، حيث وجه جيش الاحتلال ضربة جوية لتسع مواقع عسكرية سورية، والمعطيات الميدانية تؤكد أن المواقع التي قصفها الاحتلال تتبع للفوج 90 في الجيش السوري الذي يصد هجمات المسلحين الساعين للسيطرة على مدينة القنيطرة الاستراتيجية.

في لبنان الوضع مشابه، حيث حاولت القاعدة اختراق البلد وضرب الحاضنة الشعبية لحزب الله، لكن الأخير تدارك الأمر وقطع الطريق على القاعدة بالرد المماثل عبر ضرب معاقلها الرئيسية في سوريا. فجعل داعموا تنظيم القاعدة حزب الله في قائمة الأهداف، وانخرط التيار السياسي السني (14 آذار) في دعم القاعدة بفرعه اللبناني على اعتبار أن الهدف واحد، وهنا يبرز دور الكيان الإسرائيلي في إدارة هذا الصراع وإحيائه، ودور السعودية في تمويله وأدلجته ليكون وليدها فرع تنظيم القاعدة في لبنان كتائب عبد الله عزام وعقلها المدبر السعودي ماجد الماجد، الذي قامت المخابرات السعودية بتصفيته بعد اعتقاله في سجن لبناني قبل أن يدلي بأي معلومات تقع في أيدي حزب الله وحلف محور المقاومة.

أما في الجبهة العراقية الأسخن حالياً، فنجد أن تحركات البيت الأبيض تجاه هذا الملف على طريقة (الكو بوي) وهي شخصية راعي البقر الأمريكي الذي لا يهمه سوى أن ينهك فريسته قبل أن يُجهز عليها. وأمريكا تدرك فشلها في تحقيق مصالحها بالعراق عبر الاحتلال المباشر، لذا فهي عادت إلى المنطقة لتخوض الحرب عبر وكلائها. ونلاحظ مؤخراً حرص وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على زيارة بغداد وأربيل في نفس الوقت، وهذا بحد ذاته يعد دعماً لانفصال كردستان عن المركز، أما ادعاءات محاربة الأمريكان لتنظيم داعش فهو كذبة كبيرة، وإلا كانت واشنطن لجمت حليفتها الرياض في وقف دعم هذه التنظيمات ذات الفكر الوهابي.

نعود إلى الكيان الإسرائيلي لنقرأ موقفه مما يجري في العراق، وهنا نجد أن الإسرائيليين لا يعتبرون أن الحكومة العراقية تواجه حرباً من قبل تنظيمات إرهابية، بل إنهم يعتبرون ما يجري صراعاً بين متطرفين سنة (القاعدة وتنظيم داعش) ومتطرفين شيعة (الحكومة العراقية). وهنا أنقل حرفياً تصريحات رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال موجهاً خطابه إلى الشعب الأمريكي في برنامج”واجه الصحافة” على محطة (NBC) التلفزيونية “ما ترونه في الشرق الأوسط اليوم في العراق وفي سوريا هو الأحقاد الصارخة بين الشيعة المتطرفين وفي هذه الحالة بقيادة إيران والسنة المتطرفين بقيادة القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.”والآن فإن كلا المعسكرين أعداء للولايات المتحدة. وعندما يتقاتل أعداؤك لا تعزز أيا منهم. أضعف كلاهما.”

ما جاء على لسان نتنياهو يلخص الاستراتيجية التي تريد الولايات المتحدة وحلفاءها تطبيقه في العراق وسوريا. هي تريد إقناع شعوب المنطقة بأن الصراع هو بين الشيعة والسنة، وأن تنظيم داعش الإرهابي هو حراك شعبي، وفي النهاية يتم إضعاف النظام في سوريا وفي العراق وتسليم البلاد إلى جماعات مسلحة يمكن التحكم بها، فبعد ضمان سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مقدرات هذين البلدين، يحق لهذا الحلف التدخل عسكرياً لاحقاً وبحسب الضرورة، وتوجيه ضربة تمكنه من السيطرة على القرار العسكري والسياسي في البلدين الجارين.

الخيار الوحيد حالياً أمام العراقيين في الظرف الراهن الابتعاد عن التعامل مع الأمريكان، وتشكيل حلف عسكري وسياسي مع سوريا ودول الجوار المستعدة لتقديم الدعم، لمواجهة عدو يدعمه من يُظهر خوفه على مستقبل العراق والمنطقة، وهو في ذات الوقت يسعى لإضعاف الدولتين العراقية والسورية، فما المانع أن يشكل العراق وسوريا جبهة موحدة لمواجهة العدو المشترك؟

محمد الشعبان

قوات إسرائيلية في الأردن تراقب بارتياح “داعش” في العراق وسوريا

لا يشكل تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” داعش أي خطر على الكيان الإسرائيلي لأنه ومنذ نشأته لم يعلن عدائه لكيان الاحتلال وإنما ركز كل أهدافه وعملياته العسكرية ضد الأنظمة التي تعادي الكيان الإسرائيلي، وهذا بالضرورة يؤكد أن كيان الاحتلال يراقب بارتياح إنجازات هذا التنظيم ورأسه القاعدة ككل ضد أهداف لحزب الله والجيش السوري ومؤخراً في العراق.

وتشير مصادر إسرائيلية إلى أن جيش الاحتلال أرسل قوات خاصة وفرق مراقبة إلى الأردن على الحدود مع سوريا والعراق لمتابعة ما يجري في العراق عن كثب، والهدف من ذلك تقييم الأوضاع ميدانياً لاتخاذ أي قرار يصب في صالح كيان الاحتلال.

والأمر الذي يطمئن كيان الاحتلال هو أن السعودية أعطت ضمانات للحليف الأمريكي بقدرتها على لجم تنظيم داعش إذا ما فكر بالاقتراب من الأرضي الأردنية، فالحليف الأمريكي يخشى أن يخرج هذا التنظيم عن السيطرة إذا حقق قوة تغنيه عن الدعم السعودي بالمال والسلاح. لكن حكام السعودية مطمئنين إلى أن الإيديولوجيا التي يتم تغذية داعش بها تقضي بأن لا يهاجم الدول التي تتمع أنظمتها بعلاقات وطيدة مع السعودية، لذا نجد هذا التنظيم لا يقترب من الكيان الإسرائيلي والأرضي الأردنية والمصرية وبلدان مجلس التعاون الخليجي.

وقد قبض الإسرائيليون ثمن عدم دخول داعش في صراع حقيقي مع إقليم كردستان، حيث وضع قادة الاحتلال شرطاً بتصدير الإقليم النفط العراقي للكيان الإسرائيلي بقيمة مخفضة مقابل ضمان السعودية أمن الإقليم من أي خرق داعشي، وقد وصلت قبل أيام أول باخرة محملة بالنفط إلى ميناء اشدود الإسرائيلي على البحر المتوسط.

إذا يتأكد مما تقدم أن الكيان الإسرائيلي ينظر بعين الارتياح إلى ما يحصل في العراق وسوريا، وهو إذ يتخوف من صعود مجموعات مسلحة أخرى على الحدود الأردنية القريبة من أراضيه التي يحتلها لكنه مستعد لتقديم أي دعم للجماعات التي تسعى للسيطرة على الأراضي السورية والعراقية فيما لو قدمت ضمانات بمحايدة الصراع الحقيقي بين العرب والكيان الإسرائيلي.

محمد الشعبان – قدس أونلاين

العراق استوعب الصدمة وداعش فضحت داعميها

يقول أحد المختصين في الشأن العراقي إن “الخير في ما حدث في العراق”، فهو يعبر عن تفاؤله بأن ما حدث قد يُضر بشكل مؤقت أمن العراق، لكنه سيكشف المشكلات الحقيقية التي تؤثر بشكل مباشر على استقرار هذا البلد، فتنظيم داعش الذي احتل الموصل ومناطق أخرى أحدث صدمة استوعبتها الدولة العراقية فيما بعد، وبدأت تتحرك بشكل أوسع لمعرفة أسباب الخلل والصدع في أجهزتها الذي لو تم رأبه فسيقف العراق أقوى مما كان.

النقطة الهامة التي لا بد من الوقوف عندها هو أن الدول التي كانت تدعم تنظيم داعش سراً كشفت عن نفسها أمام الشعب العراقي والمجتمع الدولي، ووضعت كل ثقلها في هذه المعركة. المعادلة الحالية في العراق هي إما أن ينتصر داعش ويتحول العراق إلى بلد على شاكلة الممالك في المنطقة، أو يستعيد الجيش العراقي زمام المبادرة ويحبط كل ما تم إعداده لهذا البلد من سيناريوهات.

كل التحليلات التي قدمناها سابقاً في أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام /داعش/ ما هو إلا صنيعة المحور الأمريكي وبدعم وتمويل سعودي وقطري بدأت تتأكد مع دخول العراق في حرب مفتوحة مع هذا التنظيم. وهذا أيضاً يؤكد أن تنظيم القاعدة ككل هو من صنيعة عدوه الأول الولايات المتحدة، على قاعدة إصنع عدوك قبل أن يصنعه غيرك، حتى تتحكم به وتجعله وسيلة ومبرراً لتدخلات عسكرية قادمة.

دولياً، كل ردود الأفعال الآن حول داعش في العراق لا تتعدى المواقف، بينما يجري الترويج عبر وسائل الإعلام العربية لأن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام هو حراك شعبي، رغم أن داعش تعتبر تنظيماً إرهابياً في سوريا بالنسبة لكل الدول لأن دورها المعد مسبقاً ينحصر في العراق فقط. أما داخلياً، فقد شكل تقدم داعش في العراق صحوة شعبية انضم على إثرها أكثر من مليون ونصف المليون عراقي إلى صفوف المتطوعين لقتال هذا التنظيم الإرهابي، وجاء ذلك تلبية لفتوى المرجعية في الجهاد الكفائي، فما بالك لو أفتت المرجعية بالجهاد الوجوبي؟

في سوريا، عندما ظهر تنظيم داعش ورفض أوامر مموليه بالتوجه إلى العراق وترك سوريا لجبهة النصرة، صبت السعودية وقطر لجام غضبها على زعيم الداعشيين أبو بكر البغدادي وأعلنت فرض عقوباتها لتبدأ المعركة بين النصرة وداعش. بل إن السعوديين مع القطريين روجوا لأن تنظيم داعش من صنيعة النظام السوري، للتغطية على شرعنة جبهة النصرة واعتبارها من فصائل الثورة في سوريا.

أما في العراق، فلا يخفي القادة العراقيون أن السعودية تقف بشكل مباشر وراء تحريك عصابات داعش وفلول البعثيين للعبث بأمن هذا البلد الذي لو قامت له قائمة فسيكون من القوى الوازنة في المنطقة نظراً لما يمتلكه من مقومات وثروات تفوق ثروة آل سعود.

بالنسبة للتصريحات الأمريكية حول ضرورة تنحية القادة العراقيين لمشاكلهم فهي كلمة حق يراد بها باطل، لأنها جاءت مسمومة في هذا التوقيت، فقد تزامنت مع ضخ مكنات إعلام المحور الأمريكي عبر القنوات العربية أخباراً وتحليلات عن أن تحرك تنظيم داعش ضد الحكومة العراقية جاء رداً على “الطائفية” التي تمارسها ضد الأقلية السنية، وقدموا لذلك تبريرات غير أخلاقية أخرى، وهذا بدوره كرس المشكلة التي تتحدث عنها الإدارة الأمريكية.

بل إن السلطات في البحرين خرجت عن ترقبها لنتائج الضخ الإعلامي وأعلنت وزيرة إعلام سلطات المنامة أن تنظيم داعش ما هو إلا حركة تحررية، فيما واصلت أجهزة الإعلام القطرية والسعودية الترويج لأن داعش يسعى لإعادة الأمن والاستقرار إلى العراق. وأن عناصر فرع تنظيم القاعدة أعادوا الحياة الطبيعية إلى المناطق التي سيطروا عليها وهناك تظاهرات مؤيدة لهم فيها. فهل من المعقول أن تكون هناك تظاهرات معارضة لهم مثلا، وهم يحملون السلاح على رؤوس الناس؟!

في العصر الحالي لا يوجد أي حركة يمكن أن تُنشأ نفسها بنفسها، لأنه في الأنظمة الحديثة معيار القوة والبقاء يكمن في قدرتها على توجيه وضبط التحركات الشعبية الكبيرة، وهذا ما حصل في أمريكا عندما تم إخماد حركة احتلوا وول ستريت عام 2011 عندما أصبحت قوية وفاعلة، وتم القضاء على كل أتباع المذهب الداوودي عام 1993 بعد أن هاجمتهم قوات أمريكية بالدبابات في كنيسة واكو التي كانوا يحيون فيها طقوسهم وقتلت كل أتباعهم.

لذا فإن الحديث عن أن تنظيم داعش هو حركة شعبية جاءت كرد فعل على الظلم أو الفقر مثير للسخرية، بل إن هذا التنظيم بدأ يخيف الحكام قبل الشعوب، ولهذا نرى بلدان الجوار للعراق في الأردن والكويت لا زالت صامتة وتراقب بحذر سير المعارك في سوريا والعراق ضد هذا التنظيم، وهي وإن كانت تؤيد المشروع الأمريكي في المنطقة لكنها تتخوف من صعود الداعشيين، فأمريكا أثبتت تاريخياً أنها تتخلص من حلفائها عندما تنتهي أدوارهم.

محمد الشعبان – قدس أونلاين

معركة كسب: هزائم تنظيم القاعدة في سوريا

قبل تطهير كسب بأيام أحست الحكومة التركية بخطر الموقف الذي وضعت نفسها فيه فتركت معبر كسب الحدودي مفتوحاً لعودة عناصر “جبهة النصرة” “وجيش المجاهدين” وباقي الفصائل المتطرفة إلى أراضيها، وأدرجت جبهة النصرة على لائحة منظماتها الإرهابية لتجنب أي ردة فعل داخلية ضد الخسارة التي منيت بها غرفة العمليات التركية على الحدود مع اللاذقية.

وجاء بعد ذلك تطهير الجيش السوري لمدينة كسب من آلاف مقاتلي “جبهة النصرة” والتنظيمات التكفيرية، خرج المقاتلون وذهبت معهم الأمجاد التي تحدث عنها الإعلام الداعم في أن الساحل السوري بات تحت مرمى القاعدة، وبثت مقاطع فيديو عبر وسائل إعلام تابعة لدول مجلس التعاون تبرز انتصارات تنظيم القاعدة في ريف اللاذقية.

إدراج “جبهة النصرة” على لائحة المنظمات الإرهابية التركية لا يعني توقف أنقرة عن دعم هذه الجماعات، فقد ثبت من خلال ثلاث سنوات من الحرب على سوريا أن كل الأطراف التي تريد إسقاط الدولة السورية مستعدة للتعاون مع “الشيطان” لإسقاط دمشق، وهذا ما لا يخفيه قادة الائتلاف المعارض الداعم لهذا التحرك، لذا نرى قادة الائتلاف يعترفون بفرع تنظيم القاعدة في سوريا كفصيل من فصائله المقاتلة ضد الجيش السوري.

كل المقاتلين الذين هاجموا منذ أشهر مدينة كسب قادمين من الأراضي التركية حصلوا على خطة معدة مسبقاً وتغطية نارية من الجيش التركي وهم الآن في أحضان تركيا، وهذا ما يفسر سقوط المدينة في ساعات. ولن تتردد أنقرة في فتح جبهة ثانية قد تكون في رأس العين حتى لا تبقيهم على أراضيها وتحرج نفسها أمام الرأي العام الداخلي، خصوصاً وأن معظم المهاجمين كانوا من جنسيات شيشانية وتركية وأخرى غير عربية.

الجيش السوري لم يخف خسائره البشرية في هذه المعركة، ففي هجوم واحد فقط على برج السيرياتل خسر مجموعة من رفاق السلاح، وأخرج جثثهم فور تطهير المدينة، لكنه كشف أيضاً الخسائر التي تكبدها تنظيم القاعدة في صفوفهم، وتظهر الصور بقايا دماء حديثة لقتلاهم وجرحاهم وأدوية حصلوا عليها من السعودية وعليها إسم المصدر من مدينة جدة، إضافة إلى سيارة إسعاف تركية.

إذا تركيا ودول المحور الأمريكي في المنطقة تدعم “جبهة النصرة” وهي بالتالي تدعم فرع تنظيم القاعدة في سوريا، فلماذا لا تدعم فرعه الآخر في العراق؟ كل المؤشرات الحالية تدل على أن سقوط مدينة الموصل في العراق كان عملاً استخباراتياً، وأقرب الدول التي يمكن أن تؤدي هذا الدور هو تركيا، وطبعاً هذا العمل ليس تصرفاً فردياً من قبل الأتراك، بل هو جزء من مشروع إعادة رسم خارطة المنطقة الذي تعده الولايات المتحدة.

حرب الوكالة التي يقوم بها المحور الأمريكي في العراق وسوريا تدفعه إلى التخلي عن أدواته (داعش والنصرة والفصائل المقاتلة) عبر بيانات، وفي ذات الوقت دعمها بالمال والسلاح والإعلام، لأنه عندما ينتهي دورها تكون أمريكا وحلفاؤها بريئة من جرائم هذه التنظيمات. ويمكن ملاحظة مدى التغطية والدعم الذي تقوم به القنوات السعودية لتنظيم داعش في العراق ولجبهة النصرة في سوريا.

إذا الحرب التي تشنها القاعدة في بلاد الشام والعراق لا تُقابل من المحور الأمريكي إلا ببيانات وتصريحات ولائحات سوداء، ويمكن أخذ الموقف الخجول لحلف شمال الأطلسي /الناتو/ الذي تقوده أمريكا كدليل على ذلك، فرغم قوة هذا الحلف إلا أنه اكتفى بالمطالبة بإطلاق سراح موظفي القنصيلة التركية الذين تحتجزهم داعش في العراق كأول رد فعل على الهجوم الذي شنته الأخيرة وأدى لسيطرتها على مدينة الموصل كاملةً.

هذه البيانات والتصريحات من قبل المحور الأمريكي تدل على أن هذا المحور يريد أن يتابع انتصارات تنظيم القاعدة في العراق وسوريا وسيتخذ بعدها قراره بكيفية التصرف حيال الوضع الجديد الذي يراد له أن يغير خارطة المنطقة بأكملها. وهذا يمكن قياسه على المواقف الغربية والأمريكية، فهل يعقل أن يقوم المجتمع الدولي ولا يقعد على مزاعم استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، ويكتفي بإصدار بيانات ومواقف ضد تنظيم داعش في العراق رغم كل ما ينشره التنظيم عبر صفحاته عن مجازر وإعدامات جماعية بحق الشعب العراقي؟!

محمد الشعبان – قدس أونلاين

العراق وسوریا في مواجهة عدو واحد وحلفاء منتاقضين

 لايمكن فصل ما يجري في العراق عما يجري في سوريا، فكلا البلدين في مواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق الشام”، /داعش/، الذي تم تأسيسه لضرب الدولتين في بغداد ودمشق، وإنشاء دولة إسلامية على قياس التنظيمات التكفيرية، لكن ما يختلف هنا هو نظرة الحلف الأمريكي إلى ممارسات هذا التنظيم، ففي العراق تدعم أمريكا وحلفاءها الجيش العراقي ضد داعش، أما في سوريا فهم يعملون على إسقاط الجيش السوري وبالتالي تقوية خصومه من داعش والنصرة وباقي التنظيمات التكفيرية، فلماذا هذه الازدواجية؟

البنية التنظيمية لداعش

تنظيم داعش لم يُنشئ نفسه بنفسه بل تمت أدلجته من قبل حكام السعودية ودعمه مالياً وعسكرياً ليصل إلى القوة التي هو فيها الآن، فحكام السعودية يقفون متفرجين دائماً مما يجري في العراق وسوريا، ولا يخفون دعمهم للتنظيمات التي تسعى للإطاحة بالدولة السورية، وتغطية الإعلام السعودي يبرز حقيقة أن السعودية راضية عما يجري في العراق، بل إن الإعلام السعودي يذهب إلى أبعد من ذلك لاتهام الجيش العراقي بارتكاب مجازر وتبرئة داعش منها.

أما حول البنية التنظيمية لداعش فأقتبس عن بعض المصادر الإعلامية:

“في نيسان/ابريل 2013، اعلن البغدادي اندماج الدولة الاسلامية في العراق وجبهة النصرة الجماعة الجهادية التي تتمتع بوجود في سوريا في تنظيم واحد يحمل اسم ‘الدولة الاسلامية في العراق والشام’.

لكن جبهة النصرة رفضت الانضمام الى التنظيم الجديد وبدأت المجموعتان تتحركان كل على حدة قبل ان يتتواجها في معارك اعتبارا من كانون الثاني/يناير 2014.

يقدر تشارلز ليستر الباحث في مركز بروكينغز في الدوحة بما بين خمسة آلاف وستة آلاف عدد المقاتلين في العراق وسبعة آلاف في سوريا.

في سوريا، معظم المقاتلين على الارض سوريون لكن قادتهم يأتون في اغلب الاحيان من الخارج ويكونون قد قاتلوا من قبل في العرق والشيشان وافغانستان. اما في العراق فمعظم المقاتلين من العراقيين.

ويقول الخبير في الحركات الاسلامية رومان كاييه من المعهد الفرنسي للشرق الاوسط ان عددا من القادة العسكريين في التنظيم عراقيون او ليبيون لكن الدعاة سعوديون او تونسيون. ويضم التنظيم مئات المقاتلين الناطقين بالفرنسية من فرنسيين وبلجيكيين ومغاربة.”

نظرة الحلف الأمريكي إلى داعش في العراق وسوريا

عندما أدرجت الولايات المتحدة داعش على لائحة المنظمات الإرهابية، سارعت الدول الحليفة لاتهام الحكومة السورية بإنشاء داعش ودعمها بالمال والسلاح، وصدر قرار زعيم القاعدة بإقصاء داعش بعد أن رفض زعيمها أبو بكر البغدادي الانصياع لأوامره بالتوجه إلى المعركة في العراق وترك الأراضي السورية لجبهة النصرة، وهنا لا بد من التركيز على نقطتين مهمتين:

أولاً: إقصاء داعش وإتهام النظام السوري بدعمها سببه الحقيقي أنها لا ترغب بدخول الحرب التي أريد لها أن تكون في العراق، وهذا واضح من خلال بيانات زعيم القاعدة أيمن الظواهري. وهذا أيضاً يفسر الحملة السياسية التي شنها المحور الأمريكي على داعش.

ثانياً: تنظيم داعش من أقوى الجماعات المسلحة التي تقاتل الجيش السوري وتسعى لإسقاط الدولة في سوريا، وهذا يعني بالضرورة أن كل القوى التي تدعم إسقاط دمشق بما فيها المعارضة هي تدعم بالفعل تنظيم داعش، وإدعاء “الائتلاف الوطني” بأنه جناحه العسكري يقاتل على جبهتين ضد الجيش السوري وضد داعش محض افتراء تنفيه الوقائع الحقيقية على الأرض. وما تروج له واشنطن في أنها تدعم فقط الجماعات المسلحة “المعتدلة” بالأسلحة لا يمكن إثباته على أرض الواقع.

إذا يتبين من كل ما تقدم أن الحلف الأمريكي الذي يدعم إسقاط النظام السوري في سوريا هو من يدعم داعش ولو بشكل غير مباشر، وهو من يعطي هذا التنظيم كل الفرص لإسقاط النظام السوري، وبالتالي إعلان دعم الحكومة العراقية ضد هذا التنظيم هو مجرد تلاعب، لأن من يحرك هذا التنظيم قادر بإشارة من واشنطن على سحبه من كل الأراضي العراقية.

وإدعاء أن كل دول العالم بكل ما تملكه من أجهزة استخبارات وأمنية وجيوش متقدمة عاجزة عن استئصال تنظيم داعش من الأراضي العراقية والسورية هو أيضاً غير واقعي.

أما معاداة الحلف الأمريكي لداعش وإدراجه كتنظيم على اللائحات السوداء فيفسره أن المعركة الحقيقة التي يراد لداعش أن نتتصر فيها هي أرض العراق وليس الشام، وهناك خطة مدروسة قد تكون إيران أو تركيا هي الهدف التالي في حال تفوق تنظيم داعش وحقق ما أًنشاً لأجله.

محمد الشعبان – قدس أونلاين

كيف سيكون مستقبل مصر مع السيسي؟

خلال ثلاث سنوات فقط تغير الرئيس المصري ثلاث مرات، الثاني أطاح بالأول والثالث أطاح بكليهما، وكان العسكر حاضراً منذ البداية ليطيح بالرئيس المخلوع محمد حسني مبارك. انتخب بعدها محمد مرسي كرئيس حول هوية مصر من العلمانية إلى الاخوانية، وأطاح بحكمه العسكر مرة أخرى.

إذا هي سلطة العسكر المتمثل بعبد الفتاح السيسي الرئيس الجديد لمصر، والذي كان منذ البداية يحرك بيادق السياسة ويتعاطى بحذر مع غضب الشارع المصري، استفاد من أخطاء السابقين ومن الظروف التي مرت بها مصر للوصول إلى الحكم ولو على مراحل.

وعلى عكس مرسي، وضع السيسي أولوياته في ضمان أمن واستقرار المنطقة، الأول خرج من نطاق العمل السياسي ليحول مقر الرئاسة إلى قاعدة إخوانية. احتضن حركة حماس وعبث بأمن سوريا مع الحفاظ على المصالح الإسرائيلية كي لا يُغضب اللوبي المتحكم بالسياسة الأمريكية. أما الثاني فهمّه الأول محو الآثار التي خلفها من سبقه، مع الحفاظ على مصالح الكيان الإسرائيلي، فالواضح أن السيسي لا يريد إغلاق السفارة الإسرائيلية في القاهرة، ولن يلغي الاتفاقيات الاقتصادية مع الاحتلال، وسيحافظ على اتفاقية كامب ديفيد المشينة.

ورغم أن هناك مؤشرات لا تكفي حالياً للحكم على أن السيسي يريد فتح علاقات مع محور المقاومة من خلال فك الحظر عن السفارة السورية في القاهرة واستقبال ممثل عن إيران لحضور حفل تنصيبه، وحضور رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري المقرب من حزب الله في هذا الحفل. لكن المؤكد أن السيسي رَهَن سياسته الخارجية إلى حكام السعودية والإمارات والكويت واستثنى قطر، خصوصاً وأنه وجه المدح والثناء للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، وأكد في خطابه وضع القوات المصرية في أهبة الاستعداد لحماية أمن الخليج، في إشارة إلى أمن هذه الدول، كما اعتبر في تصريح سابق أن “العلاقة مع إيران تمر عبر دول الخليج”.

وبدا واضحاً من خلال حضور شخصيات من الدرجة الأولى من دول المجلس التعاون في حفل تنصيبه أن السيسي يعول كثيراً على المال الخليجي في دعمه، كما أنه يريد تفادي سلاح الحركات التكفيرية التي تتحكم بها هذه الدول، فتمثيل دول مجلس التعاون كان الأكبر دبلوماسياً مقارنة بباقي المشاركين في حفل تنصيبه، حيث حضر كل من ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، وأمير الكويت، صباح الأحمد الصباح وملك البحرين حمد بن عيسى، بينما اكتفت قطر بتمثيل نفسها عبر السفير الذي عاد بعد طرده من القاهرة.

أما داخلياً، فيريد السيسي العمل على تفتيت حركة الاخوان المسلمين الخصم الأبرز، وسيسعى إلى القضاء على أي حركة تمرد مسلح في سيناء، ومحاربة الفساد، لكن تحقيق وعود الداخل لا تمثل التحدي الحقيقي للسيسي بقدر ما تمثله التحديات الخارجية، فهو ولو أنه مدرك لخطورة الدور الذي يمكن أن تلعبه السعودية ودول مجلس التعاون في ضرب الأمن والاستقرار الداخلي الذي يطمح إلى تحقيقه، في حال لم يستطع كسب ودهم، لكنه ربما نسي التهديد الذي تمثله قطر عبر الجارة الموالية لها ليبيا، وربما نسي أيضاً أهمية التعاون الاقليمي مع الجيران الأفارقة، ولم يتعاطى بحذر مع التحفظ الأمريكي والغربي على وصوله إلى سدة الحكم، حيث تنتظر هذه الأطراف ضمان الحصول على مكاسبها وتحقيق مصالحها قبل الاعتراف رسمياً بـ عبد الفتاح السيسي رئيساً لمصر.

محمد الشعبان – قدس أونلاين

نجاح الاستحقاق الانتخابي السوري من خلال ردود أفعال الأطراف المعادية

يمكن لمتابع وسائل الإعلام العربية والغربية أن يدرك مدى النجاح الذي حققه السوريون عبر صناديق الاقتراع، ومدى الخيبة التي لحقت بالأنظمة المعادية للعمل السياسي في سوريا، وذلك من خلال التخبط الذي عاشته وسائل الإعلام التابعة لهذه الأنظمة ورهانها على عدم حصول مشاركة واسعة في الانتخابات الرئاسية.

الإعلام الأمريكي والغربي كان يعرض صوراً لا تعكس مدى الإقبال الذي أبداه السوريون إلى مراكز الانتخاب ودأب طوال اليوم الانتخابي على ترويج فكرة أن إجراء الانتخابات في سوريا ليس أمراً منطقياً طالما أن البلاد تغرق في حرب أهلية، وهذا الموقف ينطلق من مواقف حكام تلك الدول وأنظمتها المعارضة للاستحقاق الانتخابي والمطالبة بنقل السلطة إلى “الائتلاف الوطني” الموالي للغرب.

بالنسبة للسوريين فإن إجراء الانتخابات هو ضرورة لتكريس العمل السياسي الهادف إلى تقوية الجبهة الداخلية لمواجهة المقاتلين الوافدين من الخارج، ووقف إرسال السلاح إليهم. أما من حمل السلاح من السوريين في الداخل فالمصالحات الوطنية أثبتت جدواها على ضوء أكبر تسوية حصلت في سوريا بمدينة حمص. وبدون تغيير يأتي بحكومة ورئيس منتخب وقوي فإن الدولة السورية قد لا تحقق ذلك وستبقى عرضة للتآمر من قبل الدول المعادية لها والداعمة للعمل العسكري.

أما الإعلام العربي فحدث ولا حرج، فقد بدأ حملة ترهيب غير مسبوقة للسوريين عبر إشاعة أخبار نية فصائل “الثورة” المسلحة باستهداف المراكز الانتخابية، واعتبار بعض المدن ومنها حلب ودرعا مناطق عسكرية سيتم استهداف كل المراكز الانتخابية فيها. وبعد أن أثبت السوريون عدم رضوخهم لهذه التهديدات بدأت المرحلة الثانية عبر توجيه تهم للجيش السوري باستهداف المناطق الآمنة أثناء الانتخابات، ليتم ترويج مصطلح “انتخابات الدم” الذي تم توحيده على شاشات هذه القنوات.

القنوات العربية الرئيسية (السعودية، قطر، الإمارات) لم تعرض أي صور لإقبال الناخبين على صناديق الاقتراع، بل أعدت تقارير تتحدث عما تسميه قصف النظام للمناطق الآمنة تزامناً مع الانتخابات. كل ما تم عرضه أو معظمه كان فقط صوراً للقصف والقتل في سوريا، لإعطاء الرأي العام العربي أن الانتخابات الرئاسية تمت بهذه الطريقة، بينما غابت صور الآلاف ممن توافدوا إلى مراكز الاقتراع للتصويت على الحل السياسي ونبذ العنف. وبدأت هذه القنوات أيضاً بالضرب على الوتر الإنساني لتتحدث عن عشرة ملايين إلى ستة أو ثلاثة من اللاجئين والنازحين السوريين (الرقم متضارب على كل تلك القنوات)، والذين لم يصوتوا في الانتخابات، وهذا برأيهم يضرب في مصداقيتها.

كل هذه الحملة كانت تستهدف المناطق الآمنة التي تخضع لسيطرة الدولة السورية، وهذا يفسر غياب مظاهر الانتخابات في المناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين، مدينة الرقة مثلاً الخاضعة لسيطرة “داعش” يقام فيها الحد على كل من يتحدث عن الانتخابات، والمناطق الشمالية الخاضعة لسيطرة “جبهة النصرة” و”جيش الإسلام” و”الجبهة الإسلامية” خرجت فيها تظاهرات ترفض الانتخابات.

وبحسب الدستور السوري الجديد لعام 2012 يكفي أن تتجاوز نسبة المشاركة الـ 50 بالمئة من نسبة الذين يحق لهم التصويت لتكون هذه الانتخابات شرعية. وبهذا يكفي أن يصوت 60 بالمئة من أبناء المناطق الآمنة البعيدة عن العنف حتى تتجاوز النسبة الـ 55 بالمئة ممن يحق لهم التصويت، وهذا أمر لا يريد من يروج لإحصاءات مزيفة أن يعترف بذلك.

من كل ما تقدم نجد أن الانتخابات الرئاسية في سوريا جرت على أكمل وجه وبمشاركة غير متوقعة، والصور التي بثت على الهواء مباشرة عبر معظم القنوات أكبر دليل، وكل ما تم إشاعته من قبل “الائتلاف الوطني” المعارض عن قصف وتدمير يطال مراكز الانتخابات ثبت زيفه.

أما الرسالة الأهم التي وصلت إلى العالم ودفعت الولايات المتحدة إلى وصف الانتخابات بـ “العار” هي أن الشعب السوري صوت على العمل السياسي لحل الأزمة وإنهاء الحرب على بلاده، وصوت على ضرورة أن ينتخب رئيساً يضع نصب أعينه مواجهة كل العالم الذي تكالب على البلاد ورفع شعارات الديمقراطية لشن هجمة غير مسبوقة لتدميرها، وقد وصلت رسالة السوريين إلى العالم والتزم من كان يعارض هذه الانتخابات الصمت طول فترة إجرائها، لأنه لا كلام ولا لبس فيها.

 محمد الشعبان – قدس أونلاين