Category Archives: الملف الدولي

نظريات العلاقات الدولية: السلام الديمقراطي (السلام الليبرالي) Democratic peace

معتصم صديق عبد الله

أول من طرح هذه النظرية هو الفيلسوف الألماني ايمانويل كانت ثم أيدها من بعده عالم الاقتصاد جوزيف شومبيتر من زاوية اقتصادية.

فقد ادعى كانت في هذه النظرية بأن السياسة الخارجية للدول الديمقراطية مبنية على السلام وأن الدول الديمقراطية لا تدخل في حروب مع بعضها البعض . لذا من وجهة نظر كانت فإن الديمقراطية تؤدي الى السلام والامن في العالم وان نهاية التاريخ سيشهد سلاما دائما بين الدول الديمقراطية.

النظرية الليبرالية تعتمد على حل الصراعات سملياً وتعتمد على الحجة والإقناع وعدم اللجوء إلى العنف والإرهاب والقوة، فالقوة هي التي تحكم علاقات الدول من زاوية “الواقعية السياسية” والدول فيها تسعى إلى البقاء والتوسع، والعلاقات بينها تتحدد من خلال القوة كدولة، بينما نجد فيها النظرية الليبرالية أن اللاعبين الأساسيين هما الأفراد والمؤسسات، فالفرد هو القيمة العليا والهدف النهائي، والدولية ليست سوى وسيلة لتأمين حقوق واحتياجات الأفراد والموازنة بينها، وبالتالي فالأولويات غير محددة لأنها تابعة لأولويات الأفراد والمؤسسات وناتج علاقتهما.

أما الدول الليبرالية فهي دول يحكمها التمثيل الديمقراطي، والملكية الخاصة، والحصانة الدستورية، والحقوق السياسية، وهذه المعايير تجعلها أبعد ما تكون عن فكرة شن حرب والدخول في حرب مع دول أخرى وهو ما يطلق عليه السلام الليبرالي أوالسلام الديمقراطي، الذي تحكمه عدة معايير أهمها:

1-   القيم الاخلاقية للديمقراطية : الاحترام المتبادل واحترام حقوق الآخرين يؤديان الى انتشار ثقافة الاحترام المتبادل بين الدول الديمقراطية وانتشار هذه الثقافة يؤدي الى ميل وجنوح الدول لحل خلافاتها بصورة سلمية بعيدا عن العنف والحروب.

2- مشاركة المواطنين في اتخاذ وصناعة القرارات المتعلقة بالحروب : مواطنو الدول الديمقراطية يشاركون في صنع القرارات المتعلقة بالمشاركة في الحروب ولان الشعب.

نظريات العلاقات الدولية: النظرية البنائية Constructivism

معتصم صديق عبد الله

اثمرت الجهود الفكرية طوال السنوات الماضية عن صياغة عدد من النظريات الخاصة بالعلاقات الدولية. وحول علاقة هذه النظريات بالعالم أو المسائل المتعلقة بـ (علم المعرفة Epistemology)تم تقسيم هذهالنظريات الى اتجاهين 1- الاتجاه التفسيري  2- الاتجاه التأسيسي  .

النظريات التفسيرية تتعلق بكيفية السلوك الذي تنتهجه الدول، وتعتبر ان العلاقات بين الدول أمر خارجي ولا علاقة له بالنظريات.أما النظريات التأسيسية تؤكد على ان العلاقات بين الشعوب ناتجة عن اللغات والأفكار والمفاهيم التي تنتجها وتتداولها الشعوب.

في بداية ثمانينيات القرن الماضي برز مشروع جديد حول دراسة السلوكيات والظواهر الدولية،تقع أفكاره بين النظريات التفسيرية والتأسيسيةويتمثل في النظرية البنائية وكان سبب ظهور هذه النظرية هو اخفاق نظريات الاتجاه التفسيري في التنبؤ بنهاية الحرب الباردة سلميًا.

یعد نيكولاس أونف أول من استعمل مصطلح البنائية في كتابه: “عالم من صنعنا” حيث ركز على انتقاد أفكار وفرضيات النظرية الواقعية والليبرالية الحديثة والتي تقوم على المفاهيم المادية.

النظرية البنائية كانت اتجاها سائدا في علم الاجتماع قبل ان تجد طريقهاإلى العلاقات الدولية .وتحولت في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي الى إحدى النظريات الأساسية في العلاقات الدولية.

تؤكد النظرية البنائية على ان الواقع الذي يعيشه المجتمع هو من صنع المجتمع نفسه .وان كل الاعمال والأفعال التي يقوم بها الانسان تتشكل في البيئات الاجتماعية .

تلعب الهوية والثقافة والقيم دورا أساسيا في النظرية البنائية وتؤكد على ان هوية ومصالح الدول تنشأ من القيم والثقافات التي تتميز بها هذه الدول   .

إن القضية المحورية في عالم ما بعد الحرب الباردة هي كيفية إدراك المجموعات المختلفة لهوياتها ومصالحها. فقد أدخلت النظرية متغيرات الهوية والخصوصية الثقافية كأحد عناصر التحليل الأساسية، فمشاكل الهوية والعرق زادت تفاقما وأدت بالكثير من الدول للانقسام مثلما حدث في البوسنة والهرسك عند تفككتيوغسلافيا أو ما حدث في رواندا وبورندي بين قبيلتي الهوتو والتوتسي، كما أن العوامل الثقافيةوالحضارية أصبحت تلعب دورا كبيرا وأساسيا في حياة الشعوب بحسب آراء العديد من المفكرين .
وعلى الرغم من أن التحليل البنائي لا يستبعد متغير القوة، إلا أن البنائية ترتكز بالأساس على كيفية نشوء الأفكار والهويات، والكيفية التي تتفاعل بها مع بعضها البعض، لتشكل الطريقة التي تنظر بها الدول لمختلف المواقف والاحداث، وتستجيب لها تبعا لذلك.

  • أهم المنظرين للنظرية البنائية هم الكسندر ونت Alexander Wendt ، نيكولاس اونف Nicholas Onuf ،وكراتشويلKratochwill،أدلر adlerوریتشارد اشليRechard Ashleyوديفيد كامبل  David Campbel.
  • الاهتمام بالعوامل الفكرية في العلاقات الدولية فضلا عن العوامل المادية التي يركز عليها الواقعيون والواقعيون الجدد والليبراليون الجدد .

 

التهديد الأميركي لسوريا: الهدف حزب الله

محمد حسنين هيكل:
الكل يتوقّع ضربة أميركية غربية على سوريا، والكل في انتظار الوقت المعلوم، والجميع يعرف ان سوريا اضحت هدفاً امام العدوان الاميركي الغربي المتجدّد على المنطقة. بعد افغانستان طالبان والعراق صدام حسين، اليوم سوريا المقاومة والممانعة. لا يُفهم من الكلام ان افغانستان كانت تختصر بطالبان ولا العراق بصدام، لكن القوة التي كانت هدفاً معلناً للعدوان كانت طالبان المنبوذة عربياً ودولياً، وكذلك صدام.

اما سوريا اليوم فهي سوريا المحور، سوريا المقاومة وقلب التحالف الكبير ضد قوى الشر. وكما من قبل، فللعدوان هدف معلن يمنع نظر المتبصرين عن الالتفات الى الاهداف الحقيقية. حتماً لا يمكن لعاقل ان يقول ان الحميّة الاميركية التي كانت سبباً في قتل مئات الآلاف، ان لم يكن اكثر، من البشر على مدى سنوات، ثارت ثائرتها اليوم بسبب هجوم كيميائي زعمت ان النظام تسبّب به، وهو الذي كان يحطم التواجد القوي للحركات التكفيرية والجماعات المسلحة الارهابية المسيّرة من اميركا ومحورها الشيطاني، وهو الذي كاد يضعضع ويدمر هذه الجماعات التي لجأت الى استخدام الكيميائي الذي تزودت به من تركيا والسعودية وغيرهما، فرمت به ناحية القوات النظامية التي كانت قد توغلت داخل الاحياء التي تحت سيطرة الارهابيين، ولذلك وقع هذا العدد الكبير من الابرياء المدنيين وتوقف التقدم الكبير لقوات النظام. فهل هذا العدد هو الذي حرك العاطفة الاميركية التي لا تزال منذ تأسيس الكيان الغاصب الصهيوني تتجيّش على بلادنا؟ لقد سقط الى الآن اكثر من مئة الف قتيل في بلاد الشام معظمهم من المدنيين، فلماذا لم تتحرك العاطفة الشيطانية من قبل؟ ان في الجواب على هذا السؤال جواباً على البحث عن الهدف الحقيقي للعدوان الكبير الذي سيستهدف كل المنطقة.
على الناس ان تعلم ان النظام السوري كان قد فقد السيطرة على كثير من المناطق الاستراتيجية، ولولا وقوف الحلفاء الروسي والايراني وحزب الله اللبناني الى جانب النظام، لكنا اليوم نعيش بركات الشرق الاوسط الجديد المعدّل عن نسخة كوندوليزا (رايس) له. هنا بيت القصيد. انه الدور العظيم الذي لعبته قوة المقاومة في تغيير مجريات الامور، ليس فقط في معركة القصير الكبرى، وانما ما حصل من قبل ومن بعد. معارك كبرى حسمتها قوات حزب الله التي غيّرت موازين القوى بشكل مرعب، اذكر منها الصمود الاسطوري في مطار منغ، الى المحافظة على أحياء ومناطق مهمة في حلب، ودورها في معارك ريف اللاذقية، وصولاً الى، اهم من كل ذلك، معركة «درع العاصمة» التي جاءت رداً عملياً على التفجيرات الارهابية التي استهدفت وتهدد الضاحية الجنوبية وبيئة حزب الله الحاضنة في لبنان، وما توعّد به وقتها سيد المقاومة السيد حسن نصر الله، بأنه لو كنا نرسل خمسة الاف فسنرسل عشرة الاف. وبالفعل تم التخطيط لعملية كبيرة تؤدي الى استعادة كامل المناطق المحيطة بالعاصمة في الغوطتين الشرقية والغربية بما لا يترك وجوداً استراتيجياً للمسلحين الا في حلب وبعض المناطق الاخرى، في حين تكون العاصمة، قلب الوطن وعماده، في مأمن. والاعجب من ذلك، ان عملية ضخمة كتلك العملية، وتعتبر اهم من عملية القصير، تمت بسرية كاملة قبل التنفيذ، ولم تأخذ الحيّز الاعلامي الذي اخذته القصير، وكان ذلك سبب نجاح وتقدم القوات النظامية ومباغتتها للمسلحين. لقد كادت قوات بندر ودمى اميركا تتهاوى، فكان لا بد من اللجوء الى السيناريو الذي شاهدناه: قصف كيميائي ضحيته الاطفال والنساء، والمتهم نظام في موضع قوة لا يحيجه الى استخدام هكذا اسلوب. قُرعت الطبول، والوجهة تأديب النظام. لكن الحق ان العدوان موجّه على من قلب التوازن من اجل ما سموه اعادة التوازن الذي من شأنه انعاش «جنيف 2». الهدف هو حزب الله. المعادلة بسيطة: انك ان استطعت ان تدمر هذه القوة لن يبقى للنظام عضد يستند اليه، فتكتمل خارطة سيطرتك على المنطقة والشعوب. طبعاً هذا لا يعني ان صواريخ الكروز ستسقط فقط على لبنان، وانما الارضية لقوى الممانعة اليوم توحّدت، ولا يستبعد انه اذا امتدت الحرب فقد تشمل الاراضي الايرانية، بل حتى العراقية، بل كل الخليج، بل وببساطة كل الشرق الاوسط، وربما كثيراً بعد ذلك. حرب عالمية ضروس ليست بعيدة اذا ما تأملنا كيف يمكن للنظام العالمي ان يتهدد ويتغير بسبب وجود الاحتياطي النفطي الكبير في هذه المنطقة بالذات.
اليوم اسرائيل مهددة، وأنظمة الخليج ليست في مأمن، ولا يزال يتم اكتشاف النفط بكميات كبيرة في المنطقة، سيما على المناطق البحرية المقابلة لفلسطين ولبنان وصولا الى اللاذقية. انها امور بحسب العقلية الرأسمالية تستدعي وصول المدمرات والبوارج وحاملات الطائرات والغواصات لتعج في البحر المتوسط، ولتنطلق شرارة الحرب الكبرى التي بدأت بفتنة الشام، والتي لن تنتهي، ولا يمكن ان تنتهي، الا بحرب كبرى مدمرة ستدفع البشرية ثمناً باهظاً لها.
اذاً، حتمية الحرب محسومة لا محالة. نعم التوقيت غير معلوم، وهو امر طبيعي. فمحور المقاومة لا يمكن ان يتبلغ تهديداً كالذي ابلغه بوش الابن لصدام حسين قبل يومين من العدوان على العراق. محور المقاومة القوي، والقوي جداً، يتطلب المباغتة، الخدعة، التجييش، غزارة النيران، والاهم من كل ذلك تقدم للجماعات المسلحة برياً لتنوب عن القوات الاميركية والغربية التي فهمت جيداً معنى كلام (قاسم) سليماني ودعوته اياها ان يجلب كل جندي منها تابوته معه. فالاستعاضة بالهمج الرعاع ممكنة، وما الخسارة طالما ان هناك عشرات الالاف من المضللين والغارقين في ظلام الفتنة التي عملت عليها الادارة الاميركية والاستعمار قديماً وحديثاً.
هكذا ستبدأ الحرب بشكل مباغت، بحيث يقول اوباما انها يمكن ان تكون غداً او بعد اسبوع او شهر، وبعد مشاورة الكونغرس او رأي مجلس العموم او الرأي العام الاميركي الاوروبي. كلها حركات لا تعدو كونها خدعة وتمويهاً عن تحديد تاريخ الضربة. فالقوات المعتدية بحاجة لوقت، ليس من اجل تغيير الرأي العام الذي لا وزن له في هكذا معادلة، بل من اجل تمركز القوات بشكل صحيح. وعندها تبدأ ساعة الصفر، ويبدأ الهجوم الكبير باطلاق وسقوط المئات من الصواريخ البعيدة المدى على المطارات والقواعد والثكنات والمخازن الاستراتيجية للجيش السوري، ولا يستبعد استهداف شخص الرئيس الاسد. كل ذلك، تزامناً مع تقدم اربعين الف مسلح من الاردن تدربوا جيدا على يد القوات الاميركية يتقدمون نحو دمشق عبر درعا، ومثلهم من تركيا نحو حلب وادلب وربما اللاذقية وصولا الى جبال العلويين. وفي لبنان تم رصد وجود الف مقاتل في عرسال، وخمسة الاف في عين الحلوة وبقية المخيمات. ولا ننسى طبعا الوليد غير الشرعي للبغية الاميركية، اعني اسرائيل، التي ستكرر بزخم تجربة الـ 2006، انما هذه المرة مع الامل بتنفيذ الحلم التاريخي مع وجود الدعم الغربي ومساعدة الجماعات التكفيرية. وهكذا يمكن ان نسمي المعركة معركة الاحزاب، لو صح ان تكون الدول احزاباً. لكنها دول، ودول عظمى، لذلك هي معركة الدول ضد سوريا، وسوريا ليست سوريا بمساحتها او شعبها، بل سوريا هنا تعني الحلف المضاد لاميركا والغرب. انها سوريا ايران وحزب الله بالواجهة المدعومة من روسيا والصين.
لن اقول احتمالات وسيناريوهات، بل هو سيناريو واحد وهو ما ذكرت. لن تكون محدودة ولن تكون واسعة، بل هي حرب تبدأ بصاروخ وتنتهي بما لا يقل عن تغير الشرق الاوسط ان لم نقل النظام العالمي.
موقع «العربي الناصري»

 

أوباما يسحب تهديده بالضربة العسكرية لسوريا ويترك القرار للكونغرس الأمريكي

شاهدنا خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وأعتقد أن كل السوريين تابعوه لأنهم كانوا في حالة ترقب وهلع من ضربة أمريكية لسوريا قد تبدأ فور انتهاء خطابه الذي دام لدقائق عديدة.
أهم ماجاء في هذا الخطاب هو أن أوباما تخلى عن حقه باتخاذ قرار ضرب سوريا عسكرياً وترك المهمة للكونغرس الأمريكي، المجلس الذي يجتمع فيه أعضاء يحق لهم الآن تقديم الدعم لأوباما في قرار الحرب أو منعه من ذلك.

ومع أن أوباما لديه سلطة بحسب الدستور الأمريكي على اتخاذ قرار الحرب، خصوصاً وأنه يعتبر ما جرى من سوريا يهدد الأمن القومي الأمريكي، وهو أصر أيضاًَ على اتهام النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي في ريف دمشق، وبرأ الجماعات المسلحة وجبهة النصرة التي تنتمي إلى القاعدة، العدو الأول للولايات المتحدة كما يروج له الأمريكيون.
هذا الانسحاب رده الكثيرون إلى أن انسحاب بريطانيا بذات الطريقة بعد تلقي رئيس الحكومة كاميرون نكسة برفض مجلس العموم البريطاني ما جمعه كاميرون عليه لاتخاذ قرار المشاركة في العدوان على سوريا.
وتحدث باراك أوباما عن أنه قادر على شن هجوم اليوم أو غداً أو بعد شهر، والجميع توقف عند كلمة “بعد شهر”، لأنها قد يكون الموعد المقرر للعدوان الأمريكي، لأن هناك عطل ومناسبات وزيارات لأوباما إلى خارج الولايات المتحدة، ولن يستطيع حسم مسألة العدوان على سوريا خلال هذا الشهر، لذا فالسوريون الآن بدأوا يتخلون عن فكرة تلقي ضربة عسكرية، وستستمر العمليات العسكرية للجيش السوري في ريف دمشق ومناطق أخرى، وقد تلقت المعارضة المتمثلة بالائتلاف الوطني ضربة قوية وهي التي كانت متحمسة للحرب الأمريكية وقدمت كل الدعم السياسي، وأبدت استعدادها للتحرك عسكرياً بدعم تركي لاحتلال مواقع سورية بعد ضربها من قبل الولايات المتحدة.

هنيئاً لسوريا، ونتمنى أن يتعظ الكونغرس الأمريكي من الانقسام الدولي، ومن بقائهم وحيدين في قرار حرب قد يجرهم لحرب استنزاف إلى جانب إسرائيل، لأن محور المقاومة هدد من هذا التصرف وتوالت تصريحات كبار الضباط الإيرانيين من أن إسرائيل لن تكون بمنأى عن أي تدخل عسكري أمريكي في سوريا.

محمد عبد الرزاق

أيام تفصل دمشق عن ضربة عسكرية أمريكية وأوروبية

كل المؤشرات تدل على أن الضربة العسكرية ضد سوريا باتت مسألة أيام، حتى كلام وزير الخارجية السوري وليد المعلم لم ينفي ولم يؤكد توقع القيادة السورية للضربة الأمريكية، هو قال بإنه يستبعد حدوث هذه الضربة، لكنه تحدث عن أهدافها لو حصلت، وأن المستفيد الأول منها هو الكيان الإسرائيلي وجبهة النصرة التي يعتبر نفوذها الأقوى من بين الجماعات المسلحة التي تسعى للسيطرة على سوريا.

الولايات المتحدة والغرب تشن حملة إعلامية ضخمة وتروج للتدخل العسكري، بحجة أن النظام السوري استخدم السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية مؤخراً، وهي لا تريد انتظار نتائج التحقيق للبعث الدولية التي سمحت لها الحكومة السورية بالدخول وأمنت لها حرية التحرك في المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري. أما المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة فلم تتمكن البعثة من التحرك فيها بسهولة لأن الجماعات المسلحة غير متفقة على السماح لهذه البعثة على التحرك لأخذ عينات والتحقيق في ما شاهده العالم عبر كاميرات هؤلاء من مجرزة وقعت هناك. بل هي عدلت بالأصل على مهمة هذه البعثة من لجنة تحقيق في كيفية حصول الضربة الكيماوية، إلى مجرد تحقيق في أنها حصلت أم لا دون البت بالجهة التي قامت بذلك، وعليه لا توجد جهة مستقلة يمكن أن تكشف حقيقة منفذ المجزرة الكيماوية بحق أكثر من ألف من السوريين رغم فظاعة المشهد الذي تداولته وسائل الإعلام من مصدر واحد هو المعارضة.

الحملة الإعلامية ليست مجرد تهويل، هي حقيقة والمعطيات الحالية كلها تشير إلى أنها باتت قريبة، وسأستعرض أهم ما جاء من أخبار وتصريحات تدل على ذلك، وأبدأ بالمواقف الأخيرة:

قناة السي إن إن الأمريكية نقلت عن مصدر دبلوماسي أن الضربة العسكرية ضد دمشق ستكون يوم الخميس القادم أي في تاريخ 10-07-2013، أي بعد يومين، مصدر عسكري قال إن الجيش الأمريكي مستعد لعملية عسكرية في سوريا وينتظر إشارة من الرئيس الأمريكي، بمعنى أنه ينتظر الزمان، وقد حدد المكان والأهداف.

الفرنسيون بعد كل هذا الهرج والمرج في اتهام النظام السوري عادوا ليؤكدو اليوم أن النظام استخدم السلاح الكيماوي, وأنهم لا يشكون في ذلك، وأمس قالوا للولايات المتحدة في إتصال بين أوباما وهولاند إن كل الأدلة تتقاطع على أن النظام السوري استخدم السلاح الكيماوي، فماذا تنتظرون؟

بريطانيا وضعت خططاً لعمل عسكري محتمل ضد سوريا، وقالت مصادر عسكرية إن هناك تحركاً غير اعتيادي في القاعدة العسكرية البريطانية في قبرص قبالة الشواطئ السورية.

أما المعارضة المسماة بالائتلاف الوطني فرحبت بالضربة العسكرية ضد دمشق وقالت إنها مسألة “أيام وليس اسابيع”، وبدأت على الفور بمناقشة لائحة الأهداف السورية التي تريد ضربها مع الدول التي وصفتها بالحليفة.

التمويل للضربة العسكرية طبعاً سيكون سعودياً قطرياً، ولاحظوا كيف تحتلف قنوات الجزيرة القطرية والعربية السعودية بالضربة العسكرية لسوريا قبل حتى وقوعها. وسارع أيضاً وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ليطالب المجتمع الدولي بعدم التردد بالتدخل العسكري في سوريا، واتخاذ موقف “حازم وجاد” ضد النظام السوري الذي قال انه “فقد هويته العربية”.

كما اجتمعت جوقة الجامعة العربية في اجتماع طارئ على مستوى المندوبين الدائمين ليعطوا الضوء الأخضر في موافقتهم على توجيه ضربة عسكرية، حيث اتهموا النظام السوري بشن الهجوم المفترض بالاسلحة الكيميائية في ريف دمشق، وعبروا عن إدانة مجلس الجامعة، “واستنكاره الشديدين للجريمة البشعة التي ارتكبت باستخدام الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا”.

محمد عبد الرزاق

السعودية تحاول شراء موقف روسي ضد دمشق

هذا التقرير ورد على وكالة رويترز البريطانية والمشهورة بهكذا نوع من التسريبات التي عادة ما تصدق أو تكون مزورة، وقد يكون الهدف من التزوير في حال حصل ذلك هو إيهام العالم بمضمون ما تأتي به:

“عمان/الدوحة 7 أغسطس آب (رويترز) – قالت مصادر في الشرق الأوسط ودبلوماسيون غربيون اليوم الأربعاء إن السعودية عرضت على روسيا حوافز اقتصادية تشمل صفقة أسلحة كبيرة وتعهدا بعدم منافسة مبيعات الغاز الروسية إذا قلصت موسكو دعمها للرئيس السوري بشار الأسد.

وأضافت المصادر أن رئيس المخابرات السعودية الأمير بندر بن سلطان عرض الاتفاق المقترح بين اللاعبين البارزين في الحرب الأهلية في سوريا خلال اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الأسبوع الماضي.

وتدعم روسيا الأسد بالأسلحة وقدمت له غطاء دبلوماسيا خلال الحرب وأي تغيير في موقف موسكو من شأنه أن يزيل عقبة رئيسية تحول دون القيام بتحرك بشأن سوريا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وقالت مصادر من المعارضة السورية مقربة من السعودية إن الأمير بندر عرض شراء أسلحة روسية تقدر قيمتها بما يصل إلى 15 مليار دولار وكذلك ضمان ألا يهدد الغاز المستخرج من الخليج وضع روسيا كمزود رئيسي بالغاز لأوروبا.

وأضافوا أن السعودية تريد من موسكو في المقابل أن تخفف دعمها القوي للأسد وتوافق على عدم عرقلة أي قرار يصدره مجلس الأمن الدولي بخصوص سوريا في المستقبل.

وأكد مصدر خليجي مطلع على الموضوع أن الأمير بندر عرض شراء كميات كبيرة من الأسلحة من روسيا لكن لم يحدد أي مبلغ أثناء المحادثات.

وقال سياسي لبناني مقرب من السعودية إن الاجتماع بين الأمير بندر وبوتين استمر أربع ساعات. وأضاف المصدر دون إسهاب “السعوديون كانوا مسرورين من نتيجة الاجتماع.”

ولم يتسن على الفور الاتصال بديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين اليوم الأربعاء للتعليق على الاجتماع. ولم يمكن أيضا الحصول على تعليق من مسؤول في وزارة الخارجية السعودية.

ويقول دبلوماسيون إن رد بوتين الأولي على عرض الأمير بندر لم يكن حاسما. واستبعد دبلوماسي غربي في الشرق الأوسط أن يقايض الزعيم الروسي صورة موسكو البارزة في المنطقة في الآونة الأخيرة بصفقة أسلحة وإن كانت كبيرة.

وأضاف أن المسؤولين الروس يشككون أيضا على ما يبدو في وجود خطة واضحة لدى السعودية لتحقيق الاستقرار في سوريا في حالة سقوط الأسد.

لكن دبلوماسيين آخرين قالوا إن روسيا مارست ضغوطا على الأسد مع اقتراب موعد الاجتماع كي يسمح لبعثة تابعة للأمم المتحدة بالتحقيق في الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيماوية وهي علامة محتملة على إبداء موسكو قدرا أكبر من المرونة.

ومن المتوقع أن يزور فريق الأمم المتحدة سوريا الأسبوع القادم.

وقال دبلوماسي “كان هذا أحد تلك الاجتماعات غير المعلنة التي قد يثبت أنها أهم بكثير من الجهود الدبلوماسية العلنية التي تبذل بخصوص سوريا.”

وقالت شخصية كبيرة في المعارضة السورية إن الاتصالات الروسية السعودية تزايدت قبل الاجتماع.

ومضى يقول “سعى بندر إلى تهدئة اثنين من بواعث القلق الرئيسية لدى روسيا: أن الإسلاميين المتطرفين سيحلون محل الأسد وأن سوريا ستصبح ممرا للغاز الخليجي وخصوصا القطري على حساب روسيا.”

وأضاف “عرض بندر تكثيف التعاون العسكري والاقتصادي وفي مجال الطاقة مع موسكو.”

وتدعم السعودية وقوى سنية أخرى بشدة المعارضة السورية التي يغلب عليها السنة وانضم إليها جهاديون أجانب من السنة.”

إن صح هذا الخبر فلا أعتقد أن روسيا ستوافق على هكذا صفقة، لأن مصالحها في المنطقة أكبر من ذلك، وهي تعرف أن سقوط دمشق قد يليه تفرغ القوى التي فازت في الحرب لشن حروب أخرى تطيح بحلفاء روسيا في المنطقة، وتتحول كل تلك الدول إلى حلفاء لواشنطن، وتبقى أمريكا بذلك القطب الأوحد في العالم.

لذا المسألة بالنسبة لموسكو ليست مالاً وسلاحاً بل هي محور كامل يجري تصفيته. والسعودية ليس لديها أي قوة تمارسها في العالم سوى البترودولار، وهي اشترت أطرافاً عربية بسهولة، وتظن أن بإمكانها أن تشتري العالم كله.

سكوت أمريكا عن النظام الملكي السعودي ليس لأنها تستثمر أموالها لمصالح أمريكية، بل لأن النظام السعودي الحالي مع كل الدكتاتورية التي يحكم بها البلد يحافظ على مصالح أمريكا في ذات السعودية والخليج، وهو يخوض حرباً بالوكالة عنها في العراق عبر التفجيرات التي أنهكت البلد، أو في سوريا عبر دعم الجهاديين بالمال والسلاح ونشر فكر الجهاد ضد النظام السوري، في الوقت الذي لانسمع أي همس من النظام السعودي بموقف واحد ضد إسرائيل والجهاد ضدها.

وبناء على ذلك لا تدين الولايات المتحدة السعودية بملف حقوق الإنسان لديها، والحريات العامة رغم أن البيت الأبيض يعتبر نفسه القوة الوحيدة بالعالم التي تسعى إلى نشر الديمقراطية، لكنه يستثني السعودية وباقي دول الخليج لذات الأسباب.

 

اردوغان: انتهى الحلم ‘أمان يا ربي أمان’!

منذ بداية ما يسمى ‘الربيع العربي’ طرح أردوغان نفسه نموذجاً لحكم إسلامي لا يخيف الغرب في البلدان التي تشهد احتجاجات. كما عمل على احتضان الأنظمة الإسلامية الناشئة في تونس ومصر، وتلك التي يشارك فيها الإسلاميون بقوة في ليبيا. وبات الرجل راعياً إسلاميا لـ’الربيع العربي’ الذي يؤمن له اتساعاً في النفوذ التركي في المنطقة يضاهي به النفوذ الإيراني. وعندما نقول بان المسلسل التركي الذي بدأ في المنطقة العربية، فنحن امام مسلسل بدأ معنا منذ امد لذلك لا بد من وجود الفكرة ومن ثم القصة كاملة من أولها إلى آخرها، وبعدها يكون السيناريو والحوارات. لنكتشف في النهاية ممثلا قديرا مثل اردوغان يملك تجربة هذه الحرفة المعقدة فيبدأ وينتهي المسلسل تكون قد تبدأ تفاصيل القصة بعدد من المفاجآت التي قد لا تخطر على البال أبدا، وايضا تنتهي بمفأجاة من العيار الثقيل، فكلنا شاهدنا المظاهرات التركية التي أخذتنا باتجاه مشهد جديد يخفف مما يحدث في سورية، التي بات يعلو في سمائها انفراج للازمة الدائرة على أرضها منذ قرابة العامين.
اما السؤال المركزي فيذهب باتجاه المفاجأة التي ولدتها مظاهرات تركيا، وعما اذا كانت ترتيبا لمشكلة كبرى، ام محاولة تأديب داخلي من أجل تراجع اردوغان عن لعبته تجاه سورية، التي وصلت الى حد خنق الدولة العربية والتدخل في شؤونها بشكل سافر من كل النواحي التي تخطر أو لا تخطر على بال. بل تخطر في بال الحليف الغربي لاردوغان الذي بارك له دوره التركي في ما يسمي بالربيع العربي وان كون تركيا تسعى، ومنذ فترة ليست ببعيدة لكسب ود العرب لتوهمهم أنها الصديق الصدوق ضد إسرائيل. فإذا كانت ضد إسرائيل فعلا أفلا كان يتوجب على اردوغان في هذه الحالة وقف وتعليق النشاطات التي تجري في محطة راد كورشيك؟ ويتساءل الكثيرون لم تم وضع الرادارات في هذه المدينة فقط، لان ذلك يكمن في حماية الأمن الإسرائيلي، وان اردوغان قام بمناشدة الجامعة العربية والأمم المتحدة حينها من اجل غزة.. وايضا عندما كان في مؤتمر دافوس للاقتصاد العالمي ومشادته مع بيريس حول فلسطين ألم يكن بإمكانه هو شخصيا ان يقوم بكل ما كان يقوله ويجعله فعلا ويكون هو المثال الحقيقي للعالم؟!
وهاهو لا ندري ما نسميه ‘ربيع تركي’ او اسطنبولي يحتاح هذا البلد الذي ساهمت حكومته بشكل سافر في التدخل في شؤون دول عربية ودعم من اسموا انفسهم ثوارا فيها، مثل تخريب ليبيا والان سورية!
ان سياسة حزب ‘العدالة والتنمية’ التركي المعتمدة على عمليات الخصخصة والتي أدت إلى عدم المساواة التي رافقتها عمليات قمع واسعة في تركيا، ناهيك عن الصراع التركي – الكردستاني طويل الأمد.. ونجد ان اردوغان ومن خلال حزبه حزب العدالة والتنمية قام تدريجيًا بتعزيز جهوده ونفوذه داخل جهاز الإعلام وأصبح لا يحتاج إلى مؤيديه من الليبراليين، اردوغان الذي كان حاضرا بقواته التركية في حلف الناتو في لييبا وهو الذي تم الاحتفاء به في ليبيا وتم تكريمه بجائزة القذافي الدولية لحقوق الإنسان في سبتمبر 2010 وكان ضيف شرف للقمة الافريقية الاوربية، وكان نجما متوجا في بلادنا العربية يكرم ويحتفل بقدومة ويغمر بالهدايا والعطايا.. وأنا اعتقد ان اردوغان لم يكن ليفعل هذا من اجل إنتماء إسلامي أو حبا في العرب، وإنما كان لنيل صك الرضى ودخول تركيا بمنظومة الاتحاد الأوروبي.
ولان التورط التركي في الأزمة السورية بدعمها للمعارضة السورية السياسية والعسكرية لتغيير النظام في دمشق، والتي أعلنت تركيا من خلال حكومة اردوغان أن علاقاتها مع النظام السوري وصلت إلى مرحلة القطيعة واللاعودة، وبذلك تكون تركيا عملت كل ما من شأنه ان يدفع النظام السوري إلى الانهيار، وفي الوقت نفسه السعي إلى ترتيب المشهد السوري المقبل في ضوء المصالح والسياسات التركية الخاصة والضيقة في المنطقة تجاه سورية.
والغريب في كل هذا هو أن حكومة أردوغان التي كانت على صداقة متينة مع نظام الرئيس بشار الأسد لم تقم بأي وساطة بين المعارضة السورية والنظام للتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية. اردوغان كان ممثلا بارعا، فهو كان صديقا للقذافي أيضاً.
اردوغان الآن يحصد ما زرعته حكومته في سورية من فتنة وقتل شعب أمن موحد. فهل نرى من باركوا ‘ربيع العرب’ يباركون ‘ربيع تركيا’؟!
ياسمين الشيباني -القدس العربي

20130610-010142.jpg

آخر المعطيات حول احتمال تدخل عسكري أمريكي في سوريا

محمد عبد الرزاق – الملف:

أثارت التصريحات الأمريكية على لسان الرئيس باراك أوباما وكبار المسؤولين في البيت الأبيض جدلاً واسعاً حول جدية الإدارة الأمريكية في التدخل العسكري بسوريا، فقد وضعت أمريكا ذريعة جاهزة تلوح بها بين الحين والآخر، وهي استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي في حربه الداخلية، وتراوحت التصريحات الأمريكية بين “إنه من المحتمل، ومن غير المؤكد، أو أن الأدلة باتت قريبة” حول استخدام الجيش السوري للسلاح الكيماوي، وآخر تصريح لباراك أوباما أكد فيه أنه “من المرجح” أن يكون النظام قد استخدم أسلحة كيماوية، أمر رأى فيه المحللون إنذارا بقرب التدخل العسكري الأمريكي

رَبْط أمريكا تدخلها العسكري في سوريا باستخدام الجيش السوري للسلاح الكيماوي، يضعها في موقع يسمح لها حين تجد الظروف المناسبة للتدخل العسكري، أن تلقي بأدلتها في أن النظام استخدم بالفعل هذا السلاح، وتحشد جيوشها وبارجاتها باتجاه دمشق.

لكن المتابعون في الولايات المتحدة يستبعدون في الوقت الحالي حصول تدخل عسكري أمريكي، مع وجود سيناريوهات لهذا التدخل أعدت في حال قرر أوباما خوض تجربة كانت مريرة في العراق وأفغانستان بالنسبة لبلاده. ففي العراق تذرعت واشنطن بوجود أسلحة دمار شامل بأيدي قوات صدام حسين، واستندت إلى تقاير من الاستخبارات الأمريكية السي آي إيه تقوي هذه الفكرة، مادفعها للتدخل العسكري في العراق، والحال مشابه لما حصل في أفغانستان.

وفي هذا السياق قال الجنرال مارتن ديمبسي كبير المستشارين العسكريين لأوباما في الشهر الماضي إنه لا يرى خيارا عسكريا أمريكيا “تكون له نتيجة مفهومة” في سوريا.

فيما قال مسؤول أمريكي كبير لرويترز “هناك العديد من التحليلات التي يتعين إجراؤها قبل الوصول إلى أي قرارات كبرى من شأنها دفع السياسة الأمريكية أكثر في اتجاه الخيارات العسكرية.”

ويقول المحللون العسكريون إن الولايات المتحدة في حال رأت أن الظروف الدولية مواتية وقررت التدخل العسكري فإن خطوتها لن تكون أحادية هذه المرة، بل ستعتمد على تحالف مع فرنسا وبريطانيا من جهة، وتركيا وإسرائيل و الأردن من جهة أخرى، كما ستعتمد على قطر والسعودية في الزج بالمال والسلاح على شاكلة الوضع الحالي، لكن بكثافة أكثر.

سيناريوهات التدخل العسكري في سوريا:

يقول مسؤولون غربيون إن واشنطن أعدت عدة سيناريوهات للتدخل العسكري في سوريا عند اقتراب ساعة الصفر، أولها وأقلها ضرراً على القوات الأمريكية هو إرسال بوارج حربية إلى الشواطئ السورية، تقوم بضربة عسكرية لمرة واحدة لشل حركة الجيش السوري في الداخل، وهو الخيار الأقل تعقيداً بالنسبة لواشنطن، لكن يترتب عليه خطوات عسكرية لاحقة قد يصار إلى إيكالها إلى القوى المتحالفة. وتأكيداً على جدوى هذا الخيار يقول الغربيون: “في ظل وجود الدفاع الجوي السوري ربما يختار المخططون العسكريون إطلاق صواريخ من السفن”.

ويقول جيفري وايت وهو مسؤول كبير سابق في وكالة المخابرات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع وخبير بشؤون الشرق الأوسط: “الرد الأكثر ملاءمة (للاستخدام المحدود للأسلحة الكيماوية) هو ضرب الوحدات المسؤولة سواء المدفعية أو المطارات.”

القلق الوحيد بالنسبة للولايات المتحدة من هذه الخطوة هو كيفية الرد السوري عليها، والموقف الدولي المتمثل بروسيا وإيران على وجه الخصوص حيال هكذا عدوان، ومدى قدرة الغرب والعرب على مواصلة المرحلة في جزئها الثاني. وهنا تبرز مسألة دفعت واشنطن إلى إعادة الحسابات، وهي فشل الجماعات المسلحة في تحقيق تقدم في ما أسمته بمعركة المطارات، التي سعت من خلالها ضرب كل المطارات الجوية العسكرية في سوريا، وشل القدرة الدفاعية الجوية للجيش السوري.

السيناريو الثاني يصفه الأمريكيون بأنه أكثر جرأة، ويتمثل بإنشاء مناطق عازلة، حيث تبحث وزارة الدفاع الأمريكية إقامة مناطق آمنة للأغراض الإنسانية ويكون الهدف منها ظاهريا، وبمساعدة تركيا والأردن وتتضمن أيضا فرض منطقة لحظر الطيران لا تدخلها القوات الجوية السورية وهو خيار يفضله بعض أعضاء الكونجرس مثل السناتور جون مكين من ولاية أريزونا.

وسيتضمن هذا الخيار القضاء على الدفاع الجوي السوري وتدمير المدفعية السورية من مسافة معينة خارج منطقة حظر الطيران لحمايتها من النيران.

ويقول المدافعون عن هذه الفكرة بحسب وكالة رويترز إن فرض منطقة آمنة داخل سوريا بامتداد الحدود التركية على سبيل المثال سيتيح المساحة اللازمة لمقاتلي المعارضة ويسمح للغرب بزيادة الدعم لمقاتلي المعارضة الذين يمكن أن تتحرى عنهم.

لكن كما حذر مسؤولون منهم وزير الدفاع تشاك هاجل فإن مجرد وجود منطقة آمنة سوف يربط هذا الولايات المتحدة أكثر بالصراع السوري. كما أنه من شبه المؤكد أن الأسد سيكون له رد فعل.

بروس ريدل وهو محلل سابق في وكالة المخابرات المركزية (سي.آي.إيه) وخبير بشؤون الشرق الأوسط في معهد بروكينجز قال في تصريح لرويترز: “بمجرد فرض منطقة حظر طيران أو منطقة آمنة هذا يعني المضي في طريق منحدر زلق.. تزيد المهمة صعوبة وقبل أن تعلم يصبح لك قوات على الأرض.”

ومضى يقول “أو ينتهي الحال بك كما حدث في ليبيا حيث لا توجد بالفعل آلية سيطرة على لعبة النهاية في حالة حدوث فوضى في نهاية الأمر.”

هذا الخيار في فرض مناطق عازلة يصطدم بعوائق أهمها تمرير قرار في مجلس الأمن، وهو ما يراه المسؤولون السوريون من رابع المستحيلات بحسب تصريح أخير للمندوب السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري. ويرد الجعفري رداً على كلام لوزير الخارجية الأمريكية جون كيري حول فرض حظر جوي أو تسليح المعارضة في حال ثبت استخدام السلاح الكيميائي قائلاً: “إن الكلام الأمريكي حول تسليح المعارضة هو لذر الرماد في العيون, لأن تسليح المجموعات الإرهابية قائم ودعمها ماليا وسياسيا مستمر ومعالجة مصابيها في المشافي الإسرائيلية معروف, كما أن آلاف العناصر من القاعدة والمجموعات المتطرفة وزعران الجهاد مازالوا يدخلون سورية عبر الحدود التركية”.

السيناريو الأخير والأضعف بالنسبة للولايات المتحدة هو إدخال قوات مشتركة أمريكية عربية تركية عبر الحدود إلى سوريا بحجة السيطرة على المواقع الكيمائية خوفاً من سقوطها في أيدي متطرفين بحسب الادعاء الأمريكي. وهذا الخيار غير مرغوب به من قبل الإدارة الأمريكية، لأن خسائره ستكون كبيرة، فالمخابرات الأمريكية لديها تقارير تؤكد أن الجيش السوري بالتعاون مع روسيا وإيران يدرب ميليشيات من المدنيين ومن طوائف محددة مهمتها الدفاع عن المناطق التي تقيم فيها، ومهمتها القادمة في حال حصل تدخل أمريكي ستكون في مواجهة أي قوات احتلال قادمة من الخارج، وهي تتدرب على تكتيكات حرب العصابات على شاكلة حزب الله اللبناني الذي هزم أسطورة الجيش الإسرائيلي الأقوى في المنطقة.

 

ماذا يحضر الأمريكيون لسوريا من الأردن؟!

في المقابلة الحصرية للرئيس السوري بشار الأسد مع قناة الإخبارية السورية، عمد الأسد إلى توجيه رسائل للداخل والخارج، إحدى الرسائل المهمة للخارج كانت كانت موجهة إلى الأردن وحذر فيها من العبث بالأمن القومي السوري، كما كشف أنه أوفد فريقاً أمنياً إلى عمان بحث مع الجانب الأردني هذه التطورات وتداعياتها الخطيرة على الأردن.

وقد نشرت جريدة الأخبار اللبنانية نقلاً عن مصادر مطلعة على المعطى الأبرز من بين هذه المعلومات التي تجمعت لدى سوريا، والتي قصدها الأسد في مقابلته.

تقول الصحيفة:

“خلال الشهر الماضي، وصلت إلى دمشق عبر قنوات موثوق بها معلومات تؤكد حصول اجتماع في عمان ضمّ ممثلين عن أربعة أجهزة استخبارية: الأردن والولايات المتحدة الأميركية وقطر وإسرائيل. والجدير ذكره أنّ معلومة الاجتماع المذكور موثّقة لدى دمشق من خلال وثيقة مسرّبة من أحد أجهزة هذه الدول.
وتكشف الوثيقة المذكورة أنّ اللقاء جرى في عمان، وكان موضوعه الأساسي التباحث في إنشاء قوة خاصة من عناصر سوريين وغربيين وأردنيين، هدفها تنفيذ عملية شل ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية والسيطرة عليها. ويظهر مضمون هذه الوثيقة أنّ النقاشات التي سادت الاجتماع، جرت على النحو التالي:
كان لافتاً ما ذكرته الوثيقة من أنّ الدوحة «أقنعت» إسرائيل بضرورة السير بفكرة الإعداد لعمل عسكري ينهي تهديد الترسانة الكيميائية السورية. وتقول الوثيقة إنّ إسرائيل وافقت على أن تكون جزءاً من هذه الخطة، ما يوحي بأنّ نقاشاً كان قد جرى على أصل الفكرة، موضوع الاجتماع.
ومن ناحية ثانية، تكشف الوثيقة أنّ الاجتماع أفضى إلى الاتفاق بين أجهزة الاستخبارات الأربعة على التالي:
أ_ انشاء معسكر في الاردن لتدريب القوة الخاصة التي ستنفذ عملية السيطرة أو استئصال الترسانات الكيميائية السورية.
ب_ تتولى الولايات المتحدة الأميركية الاشراف على تدريب الفرقة الخاصة.
ج_ يتألف عناصر هذه القوة من أردنيين وأميركيين، وعلى نحو أساسي من عناصر سوريين انشقّوا عن الجيش السوري ويقيمون في الأردن.
كذلك تحدد الوثيقة دور إسرائيل ضمن هذه الخطة، بأنّه ينحصر في مهمة تأمين المعلومات الاستخبارية عن أماكن وجود الترسانة الكيميائية السورية، وذلك ضمن نطاقيِ الاستعلام الاستراتيجي عنها، عبر استخدام تقنيات تجسّسية مختلفة، منها التجسس الفضائي، والاستخبار الجاري حولها، لغرض توفير معلومات مستديمة ومتتابعة ترصد حصول أيّة تغييرات تحدث على مواقعها كنتيجة محتملة لقيام النظام السوري بتبديل مواقعها، أو إضافة تعزيزات ‘لحمايتها، إلخ…
وبحسب هذه المصادر، عينها، فإنّ دمشق لا تنظر إلى خطوة الولايات المتحدة الأميركية الأخيرة، بإرسال ٢٠٠ جندي أميركي إلى الأردن، خارج نطاق معلومة اجتماع عمان الآنف، كما ترى أنّ الكلام الأميركي عن نشر صواريخ باتريوت على حدود الأردن مع سوريا هو عملية تأتي ضمن احتساب ردّ الفعل السوري على أيّ عمل عسكري خارجي ضدها ينطلق من الأردن. وتربط المصادر، عينها، بين تحذير الرئيس الأسد خلال مقابلته الأخيرة مع «الاخبارية»، من أن النار السورية قد لا تظلّ محصورة في داخلها، وتوقّع تصعيد عسكري خارجي ضدها على خلفية الأسلحة الكيميائية.
وترسم هذه المصادر مجموعة سيناريوهات متوقعة انطلاقاً مما تقدمه وثيقة اجتماع الأردن بين أجهزة استخبارات الدول الأربع، من معلومات مؤكدة:
أولها، أن يلجأ طرف استخباري خارجي إلى افتعال عملية تفجير كيميائي، يصار بعده إلى اتهام النظام بها، ما يبرر تنفيذ خطة اجتماع الأردن.
ثانيها، رفع الوتيرة الاعلامية والدبلوماسية المحذرة من أن الترسانات الكيميائية السورية، مهددة بالسقوط بأيدي «جبهة النصرة وعناصر تابعين للقاعدة، ما يبرّر تنفيذ عملية السيطرة عليها من قبل القوة الخاصة الموجودة الآن في أحد معسكرات التدريب الأردنية».
وفي كل الأحوال، تحذّر هذه المصادر من سيناريو اليوم التالي الذي سيعقب تنفيذ عملية القوة الخاصة في سوريا. وتستعيد هذه المصادر ما يشاع في الأروقة الأمنية التابعة للدول المتداخلة في الأزمة السورية من أنّ دمشق كانت قد حذّرت عبر قنوات دبلوماسية عدة، من أن ردّها على أي هجوم عسكري خارجي عليها يشتمل على مفاجآت مدمرة، ليس أقلها أنّ هناك ٧٠٠ صاروخ ستكون جاهزة، وكردّ فعل مباشر وأولي، للانطلاق نحو الجهة الأكثر إيلاماً للغرب.”

عندما ركز الإعلام السوري على الرسالة التي سيوجهها الرئيس السوري إلى الأردن حتى قبل بث المقابلة كان الهدف منه أن تكون واضحة وصريحة ولا تقبل التأويل، وهذا ما جعل المسؤولين الأردنيين لا يردون على ماجاء في المقابلة مع أنه يستحق الرد. وعلى ما يبدوا أن الأردنيين أحسوا بخطر ما تورطوا فيه مع الأميركيين، وهم أمام تحد كبير في حال انسحبوا منه لأن الملك الأردني لا يملك قرار نفسه أمام الولايات المتحدة وبلداه محاصر بالديون والتدهور الاقتصادي، والخليجيون هددوا الأردن بقطع المساعدات المادية وتجفيف منابع التمويل في حال لم يدخل الأدرن في هذا التحالف.

التمهيد لنشر درع صاروخية في الأدرن على شاكلة ما جرى في تركيا يدل على أن التحالف الأمريكي في الأردن يتوقع رد فعل صاروخي حاسم من سوريا، والحجة التي أتت بها أنقرة في أن نشر الدرع الصاروخي هو لحماية الأراضي التركية من قذائف طائشة كانت واهية ولم يصدقها أحد. فنشر درع صاروخية من قبل الناتو له أبعاد أوسع وهو تمهيد لعدوان محتمل على سوريا عند الضرورة، وهذا يستوجب بالنسبة للناتو التحضير التدريجي لذلك بانتظار الحجة المناسبة وصولاً إلى ساعة الصفر.

كل هذه السيناريوهات تجعلنا نعيد للطرح الذي عادة ما يظهر على وسائل إعلام المحور الأمريكي بين الحين والآخر ويغيب فترة هو فرض مناطق عازلة داخل الأراضي السورية، وهو بذلك بداية التقسيم الذي يطمح إليه الغرب ويدير مناطقه الائتلاف الوطني في اسطنبول برئاسة معاذ الخطيب.

محمد عبد الرزاق

تكتيكات جديدة في الحرب السورية بعد الذعر الأمريكي من تنامي نفوذ القاعدة

محمد عبد الرزاق – الملف:

تفيد الأنباء المتقاطعة إلى مهمة جديدة أوكلتها الولايات المتحدة إلى “الجيش الحر” في سوريا تقضي بنسف التحالف بين الكتائب التي تحارب النظام السوري وجبهة النصرة التي أعلنت ولاءها للقاعدة، والتوجه بدلاً من ذلك لقتال النصرة، وهذا ما يفسر بحسب بعض المصادر الخبرية التقدم المفاجئ الذي بدأ الجيش السوري يحرزه على الجبهات الشمالية والجنوبية والشرقية. فالقيادة السورية على علم بذلك، وهو ما دفعها للإيعاز لكبار ضباط الجيش السوري بتغيير تكتيكات الحرب من الصمود والمواجهة إلى الهجوم والاستئصال.

وقد أقرت الأطراف الإسرائيلية بحقيقة التقدم الذي يحققه الجيش السوري في ريف دمشق وريف إدلب وريف حلب والقامشلي ودرعا، وقالت مصادر دبلوماسية غربية إن سوريا تعلم بما يجري في الأردن من تنسيق مع الولايات المتحدة لتدريب “الجيش الحر” على مواجهة جبهة النصرة التي تؤكد التقارير الأمريكية أنها حصلت على سلاح كيماوي، الأمر الذي دفع الكيان الإسرائيلي لتقديم دعم طبي وعقاقير وقائية من السلاح الكيماوي.

ودفع تفجير بوسطن الولايات المتحدة إلى تسريع هذه الخطوة بعد الذعر الحاصل في أروقة البيت الأبيض من عودة شبح القاعدة إلى المدن والولايات الأمريكية، وربط دبلوماسيون في البيت الأبيض هذه العودة بتنامي نفوذ القاعدة في سوريا بعد أن بايعتها جبهة النصرة التي تقاتل القوات الحكومية السورية. ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أنهم ذهبوا بعيداً في دعم القاعدة في سوريا والعراق، وتخوفهم ينصب الآن من أن تنقلب عليهم التيارات الجهادية التي تدعمها واشنطن أو تغض الطرف عن داعميها المتمثلين بحلفائها السعوديين والقطريين. وأن إعلانها دولة الخلافة الإسلامية في سوريا يخيف الكيان الإسرائيلي رغم أخذه ضمانات، ويدفعه للتخلي عن خطط دعم الجماعات المسلحة في سوريا.

ووضع هذا التطور السريع الائتلاف الوطني السوري المعارض في موقف محرج نظراً لإصراره على الاعتراف بجبهة النصرة كفصيل من فصائل “الثورة” التي تقاتل النظام السوري، ما دفع الولايات المتحدة للضغط على قطر والسعودية للحصول على بيانات براءة من هذا الفصيل من قبل كل الأطراف المسلحة التي تقاتل النظام، وبالتالي التوجه إلى العدو الحقيقي الذي تنظر إليه واشنطن على أنه بدأ بالوصول إلى أسوار الحليفة “إسرائيل” وأنه تنامى بشكل سريع نظراً لسكوت القوى الدولية عنه، وإضعاف الجيش السوري الذي يعمل على استئصاله من الأراضي السورية.

ومن المتوقع أن يحقق الجيش السوري المزيد من الانتصارات مع تراجع نفوذ جبهة النصرة، وتصاعد الاقتتال بين فصائل الجماعات المسلحة، الإسلامية منها وغير الإسلامية، يوازيه تقدم في المسار السياسي وصولاً إلى القمة المرتقبة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي باراك أوباما الذان سيعلنان اتفاقاً حول الملف السوري بحسب المراقبين.